الفلسفة الطبيعية والتربية:
تعود الفلسفة الطبيعية إلى الأيام الأخيرة من النهضة
العلمية عندما ضعفت الحركة الإنسانية فجاءت كثورة فكرية وعملية لا تقل أهميتها
أثرها عن أهمية عصر النهضة لقد حاولت دحض المفهوم القائل إن التربية تنحصر في حفظ
الكتب وإتقان الأسلوب والشكل وركزت على أن العواطف وهوى النفس هي المحرك الأول
والأساس الصحيح الذي يجب أن تقوم عليه التربية والاجتماع. وقد كانت هذه الحركة
ثورة على منطق القرون الوسطى ونزعته الدينية وقلة فائدة التعليم للمتعلمين وجموده
,فكان لا بد أن يتلو هذا الجمود قيام حركة طبيعية تعيد للتربية مرونتها وتبعث فيها
حياة جديدة.(حعنيني,ص163)
الانتقادات
التي وجهت إلى الفلسفة الطبيعية
ويعتبر جان جاك روسو رائد الفلسفة الطبيعية وهو صاحب
كتاب "أميل (1763م)" وهو اشهر ما كتب عن التربية في القرن الثامن عشر
حيث قال في هذا الكتاب " إن كل ما خرج من بين يدي خالق الأشياء حسن خير وكل شئ
يفسد بين يدي الإنسان".( ناصر,ص301)
وتهتم التربية الطبيعية أولا وقبل كل شئ بطبيعة الطفل
,فالتربية يجب أن يكون أساسها طبيعة الطفل التي يعتقد أنها خيرة, والمربون
الطبيعيين يهتمون به كما هو كائن فعلا أكثر من اهتمامهم به كما يجب أن يكون , فلا
يعدون التربية عملية إعداد للمستقبل ,ولكنها إعداد للحاضر.(اليماني,ص84)
التطبيقات التربوية للفلسفة الطبيعية
المعلم:
المعلم في منظورها شاهدا محايدا معاونا للطفل ويهيئ له
فرصا لتنمية طبيعته الخيرة ,ويجب أن يتصف المعلم بالإخلاص,والصبر,والصدق. وان يكون
حكيما غير متسرع في الحكم على الطفل. وعلى المعلم أن لا يستخدم العقاب بل يدع
العقاب للطبيعة كما لو كان نتيجة طبيعية لسوء فعلتهم.( ناصر.ص304)
المتعلم:
أما بالنسبة للمتعلم
فيجب الاهتمام بميول الأطفال على أساس أن التعلم عملية طبيعية الغرض منها
مساعدة الفرد وتشجيعه على النمو , وان الاستفادة من الميول أمر يساعد على تعلم
الأطفال (اليماني ,ص87)
وأيضا هذه الفلسفة جعلت التلميذ مركز العملية التربوية
بدلا من المعلم واعتمدت الفلسفة على التربية كوسيلة لخلق التلميذ الطبيعي الكامل.
إن الطفولة فترة يعيش فيها الطفل حياة الاحساسات لا حياة
المعارف ,حياة الخبرة من خلال الحواس ,حياة يألف فيها العالم الطبيعي من حوله .( ناصر ,ص305)
المنهج:
أما المنهاج فعليه أن يراعي نمو الطفل واهتمامه من خلال
الخبرة الذاتية له لأنه يولد باستعدادات فطرية وعلى المربين احترامها ,وتنمية
الطبيعة الذاتية للطفل تتم من خلال استخدام الأنشطة والخبرات المناسبة
للنمو,ويتألف المنهاج من العلوم الطبيعية والجبر والجغرافيا التي يجب تدريسها عن
طريق الرحلات لا الكتب ويتعلم الحرف في مرحله معينه من العمر.(جعنيني,ص179)
ويرى روسو أن تجربة الطفل هي المصدر الوحيد للمعرفة وليس
الكتاب المدرسي .أن الكتاب المدرسي والمنهج لا أهمية لهما ,إن الطبيعة هي الكتاب
الوحيد الذي يتولى رعاية الطفل وتثقيفه.( ناصر,ص305)
طرق التدريس:
أما طرق التدريس فهناك ثلاث مبادئ في مجال التدريس وهي:
1- مبدأ النمو: أي أن وظيفة المعلم توجيه النمو الطبيعي
للطفل , فلا يدفع التلميذ للتعليم أو يجبره عليه.
2-
مبدأ نشاط الطفل:أي الاعتماد على النشاط الذاتي للطفل
بان لا يعمل شيئا للطفل يستطيع هو أن يفعله بنفسه.
3- مبدأ الفردية: أي ضرورة السماح لكل طفل أن ينمو وفقا
لطبيعته الفردية,لذا يجب على التربية أن تتكيف مع حاجات الطفل وألا يجبر الطفل
ليكيف نفسه مع التربية العامة السائدة في مجتمعه.( ناصر,ص306)
واهم طريقة
للتدريس هي الخبرة, إذ يؤمن الطبيعيين بأهميتها "فروسو" ركز على عدم
إعطاء دروس شفوية للطفل مطلقا وان يتعلم الأشياء قبل الألفاظ وان يشارك في العمل
والتجريب في المعامل, وان تهيا له دراسة الظواهر الطبيعية مباشرة كلما أمكن ذلك.
السلوك:
أما بالنسبة للسلوك فالطبيعيين لا يؤمنون باستخدام القوة
أو العقاب البدني, أو اللجوء للسلطة أو القوة الغاشمة في التعلم أو في حفظ النظام
وإنما تلجا إلى القانون الطبيعي الذي يربي الطفل طبقا لقوانين ونواميس الطبيعة,
كما شجعت على الاعتماد على النفس في إدارة أنفسهم داخل المدرسة, كما نادت برفض
سيطرة الدولة على التعليم وتطالب بأشراف الهيئات الأهلية وأهالي الأطفال .(اليماني,ص180)
الانتقادات
التي وجهت إلى الفلسفة الطبيعية
1- إبعاد الطفل عن المجتمع وتركه في أحضان الطبيعي أمر غير
واقعي ,لان الطفل بحاجة إلى الآخرين حتى يدرك نفسه وينمي إحساسه من خلال إدراك
الآخرين وأحاسيسهم.
2-
تقليل أهمية الكتب أمر لا يمكن أخذه بعين الاعتبار لان
الكتاب اصبح وسيلة فاعله لا غنى عنها في عملية التعلم.
3- قام روسو بتقسيم مراحل نمو وتربية الطفل إلى أقسام
منفصلة وجعل لكل مرحلة خصائصها ووسائل تعليمها ووضع الجانب الوجداني في المرحلة
الأخيرة ولكن علماء النفس والتربية وجدوا انه موجود مع الطفل في كل مراحل حياته.
4- قال روسو إن ميول الطفل وقدراته تظهر تلقائيا وذاتيا
ولكن من المعروف إن كثير من الميول والقدرات ليست فطرية وإنما تكون نتيجة احتكاكه
ببيئته وبالعالم الخارجي.
5- فكرة الجزاء الطبيعي غير ممكنة التنفيذ وقد تعرضه
للهلاك.
6- آراؤه في تربية البنات تعد من اكثر الآراء تطرفا ولا
يمكن الأخذ بها.(اليماني,ص88)
ConversionConversion EmoticonEmoticon