الفلسفة المثالية والتربية |
يعد أفلاطون (427-347ق.م) رائد هذه الفلسفة
ومؤسسها.وتعود كلمة المثالية في اصلها اللغوي إلى كلمة
(IDEAL)
أي مثل أعلى أو بمعنى فضل أو اقرب إلى الخير. (ناصر,ص241).
الفلسفة
المثالية هي أول تيار فكري قدم من خلال أعمال أفلاطون أول فلسفة تربوية مكتوبة,
والمثالية تعني المذهب الذي يقول إن الأشياء الواقعية ليست شيئاً آخر غير
أفكارنا نحن, وأنه ليس هنالك حقيقة إلا ذواتنا المفكرة,(جعنيني,ص107), وقد اتفق الفلاسفة المثاليون فيما بينهم على أن الإنسان كائن روحي
يمارس حرية الإرادة ومسؤول عن تصرفاته.
إن الفلسفة المثالية تتخذ أشكالا متنوعة
ولكن مهما تعددت ,فهي جميعا تشترك في فكر واحد وهو أن العقل والروح جوهر هذا
العالم.
وتعتمد
هذه الفلسفة على مبدأين جوهريين متكاملين:
الأول: أزلية الأفكار(المثل) ودور العقل الإنساني,فالأفكار أزلية وكونية وان العقل أداة تفهم
ذلك.
الثاني: عالم الروح وعالم المادة, قال أفلاطون إن العالم المادي الذي نعيش
فيه عالم الأشباح الفانية وهو لا يستحق الاهتمام ,وإنما الذي يستحق الاهتمام هو
عالم القيم الروحية والمثل العليا لأنها حقائق خالدة تتمثل في الخير والجمال وان
الخير هو الحق وهما يتضمنان الدين والأخلاق ,فالحقائق تتمثل في الخير والجمال
والحق والدين والأخلاق.(اليماني,ص45,ص63,ص64)
أما
وجهة نظر الفلسفة المثالية في التربية هي مساعدة الإنسان في الحياة للتعبير عن
طبيعته الخاصة.
أما عن أهداف التربية فقد تمثلت فيما يأتي:
· إن التربية هي العملية التي توصل إلى إدراك الحقيقة المطلقة عن
طريق شحذ العقل من خلال الكم الضخم من المعارف والأفكار المتصلة بالأشياء
ومعانيها وأصولها.ويقترب في هذا الهدف مع نظرية الملكات.
· إعداد المواطن إعداداً سليماً يكفل أن يتحلى بفضيلة الاعتدال والشجاعة.
· تهدف إلى إحاطة الطفل
بالمثل العليا الصالحة, وغرس فكرة الخير والشر في ذهنه, حتى يشب على ما يجب أن
يحب, وكراهية ما يجب أن يكره.
· إن التربية العقلية لكي تصل إلى فهم الحقيقة المطلقة الأزلية يفترض
أن تكون في شكل قوالب معرفية ثابتة, وليس في شكل نماذج تجريبية, وتبعاً لذلك لا
يكون التعليم تحديداً أو ابتكاراً, ولكنه تحقيق النمط الفكري الذي يهدف تدريجياً
إلى تحقيق الفكرة المطلقة فيما يخص الحقيقة والخير اللذين وصف سلفاً.
· تهدف إلى تربية الفرد والجماعة, فالحياة الخلقية لا تتعارض فيها مصلحة
الفرد ومصلحة الجماعة إذ إن هناك فلسفة تقرر خلود القيم الروحية , وتؤكد
عموميتها على الأفراد جميعاً, بمعنى أن القيم والمثل العليا الخالدة حين يجهد
الفرد عقله كي يتمثلها إنما يكون من خلال وسط جماعي فالفضيلة تتكون من المعرفة وألأفكار الكلية العامة للوصول إلى الكمال العقلي ذاته.(اليماني,ص66)
التطبيقات التربوية للفلسفة المثالية
الطالب:
لقد نظرت الفلسفة المثالية إلى الطالب على أنه
شخص له هدف روحي ينبغي تحقيقه ومن هنا أكدت ضرورة تعليمه احترام الآخرين والقيم
الروحية وتعليمه احترام المجتمع الذي ولد فيه.
المعلم:
اهتمت الفلسفة المثالية بالمعلم اهتماماً
بالغاً لأنه القدوة التي يقتدي به التلاميذ فضلاً عن أنه يولد المعاني والأفكار
في عقل الطالب إذ أن الأفكار والمعاني كامنة في الإنسان. والمعلم في منظور هذه الفلسفة هو الوسيط بين عالمين , عالم النمو
الكامل وعالم الطفل, وإن عمل المعلم تقديم الإرشاد له لأنه يضل بحاجة إليه
ويستطيع المعلم بفضل الإعداد الذي تلقاه أن يقوم نمو الطلاب.
المنهاج:
فقد ساير أفلاطون النظام القائم في وضعه خطة
تربية الأطفال والشباب, ويعتقد أن أعمال قدماء الإغريق كانت خيراً من معارفهم ,
ولذلك كانت خطة أفلاطون الفلسفية أن يحتفظ بما بناه القدماء بقصد أو بغير قصد ,
فاهتم بتربية الطفل منذ الولادة وتكون مسؤولية الأسرة, وفي سن السابعة تبدأ التربية التي
تستمر حتى سن السادسة عشرة أو السابعة عشرة , يتعلم فيها ضروب الرياضة البدنية والموسيقى.
والغرض من الرياضة إصلاح شأن الجسم. وأهتم بتعليم الموسيقى فهي من أ جل انسجام الروح. تبغي
المثالية من استعمال المادة الدراسية تطوير الشعور السامي بالذات من جانب الطالب.ومنهاج المثالية مقفل يهتم بالمادة
الدراسية اكثر من اهتمامه بالمتعلم.ولا يؤمن بالنشاطات اللاصفية الخارجة عن المقرر
الدراسي إلا في حدود ضيقة ,ولا يؤمن بالمشاركة الجماعية في رسم السياسة التربوية
ولا تشجع مجالس الأباء والمعلمين انطلاقا من إيمانها بان المدرسة وحدها هي
القادرة على تعليم وتدريب المتعلمين على الحياة السعيدة وحل مشاكلها. والمنهج
يشتمل كل خبرة الجنس البشري التي تساعد الفرد على النمو العقلي والخلقي (
جعنيني,ص124)
أساليب التدريس:
فتعتمد على الحوار وتوليد الأفكار(سقراط) أو أسلوب
السؤال والجواب (أفلاطون) .وتؤكد
المثالية طريقة الاستنباط وطريقة الحفظ والتكرار وطريقة التمثيل.
التقويم:
فيقيم التلميذ
بالامتحانات الرسمية كوسيلة لمقارنة إنجاز التلاميذ وفرزهم .ويلتزم المثاليون
ويلزمون أنفسهم بالمسؤولية للتفوق وتحقيق مقاييس أكاديمية عالية.( ناصر,ص248-ص251)
أما
الانتقادات التي وجهت إلى فلسفة التربية المثالية :
1. إهمال الجوانب المهارية والأنشطة الإنسانية
الأخرى , والتركيز على الجانب المعرفي.
2. أعلت من شأن الروح, وأهملت أمر الجسد, ولذلك
فهي ركزت على المعلومات والمعارف, وجعلت لها كياناً مستقلاً بعيداً عن اهتمام الطالب
وميوله مما أدى إلى انفصال التلميذ والمدرس عن البيئة الاجتماعية والمادية التي
يعيش فيها كل منهما.
3. أما النقد الموجه إلى
المنهج المثالي فهو أن هذا المنهج مصمم من أجل صقل العقل , وصفاء الروح , ونقل
التراث الثقافي.وتقدم المواد الدراسية بصورة منطقية مرتبة لكنها لا تدرس على
أساس فهم العلاقات فالتاريخ مثلاً يدرس بوصفه تاريخاً أي حسب التعاقب الزمني ,
لا على أساس أنه منهج مشكلات الحاضر وتوقعات المستقبل, ولا يهتم أصحاب المنهج
المثالي بتعلم المهارات لاعتقادهم بأن هذا التعلم يفسد التلميذ ويتلف عقليته.
ولذلك فالمثاليون يضعون المنهج الدراسي ثابتاً مطلقاً غير قابل للتغيير , وذلك
إيماناً منهم بأن الطبيعة الإنسانية ثابتة لا تتغير.
4.
ثبوت الأهداف التربوية عند المثالية جعل
المنهج ثابتا غير قابل للتطور.
5. استندت
المثالية إلى حقائق مطلقة وأفكار أبدية استطاع العلم الحديث أن ينسفها ويضع بدلا
عنها قواعد جديده وحقائق جديده
6. النظر
إلى الطالب على انه سلبي يتلقى المعلومات من المدرس ,فالموقف التعليمي هو موقف
تفاعل وليس موقفا جامدا ثابتا ,فيه طرف إيجابي هو المعلم و آخر سلبي هو الطالب
كما صورته المثالية.
(اليماني,ص69)
|
Next
« Prev Post
« Prev Post
Previous
Next Post »
Next Post »
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ConversionConversion EmoticonEmoticon