الفلسفة البرجماتية والتربية

يوليو 18, 2022

مدونة رمزي الشنباري


الفلسفة البرجماتية والتربية



كان للفلسفة البرجماتية وجود في التراث الفلسفي  اليوناني القديم عل الرغم من أنها ظهرت بشكلها الحالي في العالم الحديث , وهي تعبر عن أسلوب الحياة أياً كان هذا الأسلوب.
والبرجماتية تؤمن بحقيقة التغير على الديمومة ونسبية قيم الطبيعة الإنسانية والبيولوجية للإنسان وبأهمية الديمقراطية كطريقة في الحياة , وأخيراً قيمة الإنسان الناقد في السلوك الإنساني كله.
دعت البرجماتية إلى أن تعود الفلسفة إلى وظيفتها الحقيقية التي كانت عليها في الماضي, وهي أن الفلسفة أسلوب حياة أو خطة عمل أو مشروع نشاط. ونادت البرجماتية بالخبرة إذ لا يمكن التخطيط للواقع والتغلب على مشكلاته إلا بالخبرة وبهذا الصدد يقول ديوي (إذا جاز لنا أن نصوغ فلسفة التربية التي تقوم عليها ممارسات التربية الحديثة, فمن الممكن فيما أعتقد أن تكشف عن طائفة من الأسس المشتركة بين المدارس القائمة المختلفة.(اليماني,ص91)
ترفض البرجماتية أن تكون التربية عملية بث للمعرفة للطالب من أجل المعرفة إنما ترى أنها تساعد الطفل على مواجهة احتياجات البيئة البيولوجية الاجتماعية. 
ويرى البرجماتيون أن التربية هي الحياة وليست إعداد للحياة , وأن واجب المدرسة كمؤسسة تربوية أن تستخدم مواقف الحياة في العملية التربوية ,ويؤمن هؤلاء بمبدأ التعلم بوساطة العمل ولهذا فهي تركز على ضرورة تنوع أساليب التعليم,والابتعاد عن التلقين والاستظهار,وتخزين المعلومات ,واتباع طريقة الاستقصاء.( ناصر,ص337)
 ويعرف جون ديوي التربية بأنها عملية مستمرة من إعداد بناء الخبرة بقصد توزيع محتواها الاجتماعي وتعميقه , وأن الفرد في الوقت نفسه يكتسب ضبطاً وتحكماً في الطرائق المتضمنة في العملية.(اليماني,ص95)

أهداف التربية:

1-    يجب إن ينبع الهدف من الظروف الراهنة , مبنيا على الأمور الجارية فعلا , وعلى الماضي أيضا.
2-    مرونة الأهداف , وذلك لان الأهداف غير كاملة وخاضعة للتجربة.
3-    ملائمة الهدف لطاقات الإنسان وإمكاناته وقدراته.
4-    إن هدف التربية هو تمكين الفرد من المشاركة في الوعي الاجتماعي للجنس البشري.
5-    الربط بين العلم والديمقراطية.
6-    أن تكون التربية هي الحياة وليست إعدادا للحياة.
7-    مساعدة الطفل على النمو الكامل المتكامل لشخصيته.
8-    كشف قدرات الطلاب البيولوجية والنفسية والاجتماعية عن طريق الخبرة والمواقف الحياتية التي يتعامل معها في حياته. إذ ينمو الذكاء ويتحقق النفع التلقائي.
 التطبيقات التربوية للفلسفة البرجماتية
الطالب:
وتعد الفلسفة البرجماتية من أبرز الفلسفات التي ركزت على المتعلم والتي انعكست بصورة واضحة على تنظيم المنهج باعتبار أن الفلسفة تدخل في كل قرار مهم بالنسبة للمنهج والتدريس. والطالب في منظور البرجماتية ما هو إلا مجموعة من نشاط الاتجاهات النظرية والمكتسبة للفعل, وأن نشاطه أساس كل تدريس وكل ما يفعله التدريس له أنه يوجه الطالب الذاتي وأن تعليم الطالب ليس ما ينبغي أن يتعلمه وإنما تشجيعه باتجاه معرفة نتيجة نشاطه الذهني والتجريبي.
والمهم في رأي البرجماتية في العملية التربوية التأكيد على أمرين الأول: العناية باهتمام الطالب والثاني: العناية بحب الاستطلاع لديه وذلك لأنهما يحفزانه على التعلم بصفة أساسية.
  المعلم:
أما فيما يخص المعلم عند أصحاب هذه النظرية فإن وظيفته تكون في قدرته على تنظيم الخبرة وبيان الاتجاه الذي تسير فيه فضلاً عن قدرته على شحذ أذهان التلاميذ وهو بذلك يكون عوناً للحرية لا قيد لها.
والبرجماتية لم تجعل من المعلم محوراً للعملية التربوية ووظيفة المعلم من وجهة نظر البرجماتية ليس مجرد تدريس الأفراد , بل تكوين الحياة الاجتماعية الصحيحة.
المنهاج:
وقد انعكست النظرية البرجماتية على المنهج وذلك باختيار الخبرات لكل فرد أو جماعة من الخبرات المناسبة التي تساعدهم أن يبنوا منهجاً عقلياً متكاملاً.
وأحد الأهداف الرئيسية في المنهج البراجماتي هو إقرار الدراسات ذات الطبيعة الحديثة والمعاصرة والمفيدة في إعداد الشباب لظروف المجتمع المتغيرة دوماً وخاصة ما يتعلق منها بالعمل والتعامل ودراسة المواقف بما تتضمنه من موضوعات وليس القراءة منها فحسب. 
لا يفرق المنهج البرجماتي بين الفعاليات المنهجية وغير المنهجية , فكل ما يمر بخبرة التلميذ هو جزء من المنهج سواء أكان نشاطاً ترويحياً أم اجتماعياً أم عقلياً.
 (جعنيني,ص203-ص206) 

الانتقادات التي وجهت إلى الفلسفة البرجماتية:

1.     تركز البرجماتية على المتعلم وتهمل الجوانب التعليمية الأخرى كما ترفض التحديد المسبق للمادة العلمية أو التخطيط للعملية التعليمية لذلك ابتعدت عن تنظيم العملية التربوية موادا وفصولا.
 2.     تؤكد الخبرة الذاتية للفرد بوصفها وسيلة لمعرفة العالم الخارجي والتعامل معه, وترى أن مفهوم الصدق يطابق مفهوم النجاح والفاعلية تطابق المنفعة فكل ما يحقق فائدة عملية ويقود إلى تحقيق أهداف الفرد يعد صادقاً وصحيحاً.
3.     أنها تؤكد النمو التلقائي للفرد بحكم العوامل الوراثية الحتمية والبيولوجية وتنظر إلى أهمية التراكم الكمي للخبرات الفردية في تكوين الشخصية. وعلى هذا الأساس تتعامل مع التربية بالانتقاء الاجتماعي والتوزيع وفقاً لقدرات الأفراد الطبيعية, ولا سيما الذكاء. وعليه لا يمكن بناء الشخصية المتكاملة بحكم إغفالها للتراث الحضاري والعوامل الاجتماعية والعوامل الأخرى تؤدي أثراً في بناء شخصية الإنسان وهذا يناقض منطق العلم , ويؤدي بالمتعلم إلى تشتت اتجاهاته.
4.            لا تتقيد التربية البرجماتية بمعايير روحية فليس في رأيها وجود سابق للقيم والمعايير الروحية , ولكنها تنشأ في أثناء القيام بالتجارب الناجحة , وتتولد في أثناء حل المشكلات المتنوعة. وترى أيضاً أن الخبرة الذاتية للفرد والنجاح الفردي هما الأساس للأخلاق , وليس تراكم التراث الثقافي للإنسانية , أو لمصلحة المجتمع وقيمته  , فهي بذلك تؤكد التنافس , وتنمي الفردية والنجاح الفردي والمنفعة والبقاء للأقوى.
5.     بما أن النظرية البرجماتية تركز على الجانب العملي لعملية التعليم فإن نشاط المتعلم وفاعليته في النشاط والمشروعات والوحدات التي خططها المتعلم وينفذها فهي بذلك تقدمه للمعرفة بدلاً من أن تقدم المعرفة له. وهذا سيؤدي إلى تحطيم التنظيم المنطقي للمادة العلمية , فضلاً عن أنها لا تقدم للتلاميذ إلا المعلومات الجزئية والسطحية ذات الهدف النفعي مما يؤدي إلى ضعف المستوى العلمي للتلاميذ.
6.     يتمثل دور المعلم البرجماتي في النصح والاستشارة وتنظيم ظروف الخبرة والإمكانات التي تساعد على تعلم الفرد. وهذا يعني إهمال الكثير من طاقات المعلم وإمكاناته وإبداعاته لأنه عنصر فاعل في العملية التعليمية مما يكسب العملية التربوية قدرة على بناء المتعلم وتعليمه.
7.     إن هذه النظرية انبثقت عن المجتمع الأمريكي , وهي محور القيم الحضارية والاجتماعية التي تؤكد الربح والنجاح , ونمو الروح الفردية والنزعة العلمية والواقعية والنفعية معبرة عن ازدهار الرأسمالية وقوة البرجوازية.
(اليماني,ص100)

مواضيع ذات صلة

Previous
Next Post »